فصل: ذكر إبراهيم الخليل صلوات الله عليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء **


  ذكر إبراهيم الخليل صلوات الله عليه

وهو إبراهيم بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروغ بن رعو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح‏.‏

وقد أسقط ذكر قينان بن أرفخشذ من عمود النسب قيل بسبب أنه كان ساحراً فأسقطوه وولد إبراهيم بالأهواز وقيل ببابل وهي العراق وكان آزر أبو إبراهيم يصنع الأصنام ويعطيها إبراهيم ليبيعها وكان إبراهيم يقول‏:‏ من يشتري ما يضره ولا ينفعه‏.‏

ثم لما أمر الله تعالى إبراهيم أن يدعو قومه إلى التوحيد دعا أباه فلم يجبه ودعا قومه فلما فشا أمره واتصل بنمرود بن كوش وهو ملك تلك البلاد وكان نمرود عاملاً على سواد العراق وما اتصل به للضحاك وقيل بل كان النمرود ملكاً مستقلاً برأسه فأخذ نمرود إبراهيم الخليل ورماه في نار عظيمة فكانت النار عليه برداً وسلاماً وخرج إبراهيم من النار بعد أيام ثم آمن به رجال من قومه على خوف من نمرود وآمنت به زوجته سارة وهي ابنة عمه هاران ثم إن إبراهيم ومن آمن معه وأباه على كفره فارقوا قومهم وهاجروا إلى حران وأقاموا بها مدة‏.‏

ثم سار إبراهيم إلى مصر - وصاحبها فرعون قيل كان اسمه سنان بن علوان وقيل طوليس - فذكر جمال سارة لفرعون - وهو طوليس المذكور - فأحضر سارة وسأل إبراهيم عنها فقال‏:‏ هذه أختي يعني في الإسلام فهم فرعون المذكور فأيبس الله يديه ورجليه فلما تخلى عنها أطلقه الله تعالى ثم هم بها فجرى له كذلك فأطلق سارة وقال‏:‏ لا ينبغي لهذه أن تخدم نفسها ووهبها هاجر جارية لها فأخذتها وجاءت إلى إبراهيم ثم سار إبراهيم من مصر إلى الشام وأقام بين الرملة وإيلياء‏.‏

وكانت سارة لا تلد فوهبت إبراهيم هاجر ووقع إبراهيم على هاجر فولدت له إسماعيل - ومعنى إسماعيل بالعبراني مطيع الله - وكانت ولادة إسماعيل لمضي ست وثمانين سنة من عمر إبراهيم فحزنت سارة لذلك فوهبها الله إسحاق وولدته سارة ولها تسعون سنة ثم غارت سارة من هاجر وابنها إسماعيل وقالت‏:‏ ابن الأمة لا يرث مع ابني‏.‏

وطلبت من إبراهيم أن يخرجهما عنها فأخذ إبراهيم هاجر وابنها إسماعيل وسار بهما إلى الحجاز وتركهما بمكة وبقي إسماعيل بها وتزوج من جرهم امرأة‏.‏

وماتت أمه هاجر بمكة وقدم إليه أبوه إبراهيم وبنيا الكعبة وهي بيت الله الحرام ثم أمر الله إبراهيم أن يذبح ولده وقد اختلف في الذبح هل هو إسحاق‏.‏

أم إسماعيل وفداه الله بكبش‏.‏

وكان إبراهيم في آخر أيام بيوراسب المسمى بالضحاك الذي سنذكره مع ملوك الفرس إن شاء الله تعالى وفي أول ملك أفريدون وكان النمرود عاملاً له بما ذكرناه وكان لإبراهيم أخوان وهما هاران وناحور أولاد آزر‏.‏

فهاران أولد لوطاً وأما ناحور فأولد بتويل وبتويل أولد لابان ولابان أولد ليا وراحيل زوجتي يعقوب‏.‏

ومن زعم أن الذبيح إسحاق يقول‏:‏ كان موضع الذبح بالشام على ميلين من إيلياء - وهي بيت المقدس - ومن يقول إنه إسماعيل يقول إن ذلك كان بمكة وقد اختلف في الأمور التي ابتلى الله إبراهيم بها فقيل‏:‏ هي هجرته عن وطنه والختان وذابح ابنه وقيل غير ذلك‏.‏

وفي أيام إبراهيم توفيت زوجته سارة بعد وفاة هاجر وفي ذلك خلاف - وتزوج إبراهيم بعد موت سارة امرأة من الكنعانيين وولدت من إبراهيم ستة نفر فكان جملة أولاد إبراهيم ثمانية إسماعيل وإسحاق وستة من الكنعانية على خلاف في ذلك‏.‏

  ذكر بني إبراهيم الذين على عمود النسب إلى موسى عليه السلام

أما مولد إبراهيم فقد تقدم في ذكر نوح أن إبراهيم ولد لمضي ألف وإحدى وثمانين سنة من الطوفان‏.‏

ولما صار لإبراهيم مائة سنة ولد له إسحاق ولما صار لإسحاق ستون سنة ولد له يعقوب ولما صار ليعقوب ست وثمانون سنة ولد له لاوي‏.‏

ولما صار للاوي ست وأربعون سنة ولد له قاهاث ولما صار لقاهاث ثلاث وستون سنة ولد له عمران ولما صار لعمران سبعون سنة ولد له موسى عليه السلام فيكون ولادة موسى لمضي أربع مائة وخمس وعشرين سنة من مولد إبراهيم وعاش موسى مائة وعشرين سنة‏.‏

فيكون ما بين ولادة إبراهيم ووفاة موسى خمسمائة وأما جملة أعمار المذكورين فإن إبراهيم عاش مائة وخمساً وسبعين سنة وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة ويعقوب مائة وسبعاً وأربعين سنة ولاوي مائة وسبعاً وثلاثين سنة وعاش قاهاث مائة وسبعاً وعشرين سنة وعمران مائة وستاً وثلاثين سنة‏.‏

ومات إبراهيم ولإسحاق خمس وسبعون سنة ومات إسحاق وليعقوب مائة وعشرون سنة ومات يعقوب وللاوي ستون سنة ومات لاوي ولقاهاث إحدى وثمانون سنة ومات قاهاث ولعمران أربع وستون سنة ومات عمران ولموسى ست وستون سنة بناء على أن جملة عمر عمران مائة وست وثلاثون سنة‏.‏

وقد اختلف في معنى الصحف التي أنزلها الله تعالى على إبراهيم وقد روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها أمثال فمنها‏:‏ أيها المسلط المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه‏.‏

وإبراهيم أول من اختتن وأضاف الضيف ولبس السروايل‏.‏

  ذكر لوط عليه السلام

أما لوط فهو ابن أخي إبراهيم الخليل وهو لوط بن هاران بن آزر آزر هو تارح وباقي النسب قد مر عند ذكر إبراهيم الخليل‏.‏

وكان لوط ممن آمن بعمه إبراهيم وهاجر معه إلى مصر وعاد إلى الشام‏.‏

وأرسل الله تعالى لوطاً إلى أهل سدوم وكانوا أهل كفر وفاحشة ودام لوط يدعوهم إلى الله تعالى وينهاهم فلم يلتفتوا إليه وكانوا على ما أخبر الله عنهم في قوله تعالى ‏(‏إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر‏)‏ ‏(‏العنكبوت‏:‏ 28 - 29 ‏)‏‏.‏

وكان قطعهم للطريق أنه إذا مر بهم المسافر أمسكوه وفعلوا فيه اللواط وكان لوط ينهاهم ويتوعدهم على الإصرار فلا يزيدهم وعظه إلا تمادياً‏.‏

فلما طال ذلك عليه سأل الله تعالى النصرة عليهم فأرسل الله الملائكة لقلب سدوم وقراها الخمس وكان بسدوم أربعمائة ألف بشري وأما قراها فهي صبعة وعمرة وأدما وصبويم وبالع‏.‏

وكان الملائكة قد أعلموا إبراهيم الخليل بما أمرهم الله تعالى به من الخسف بقوم لوط فسأل إبراهيم جبريل فيهم وقال له‏:‏ أرأيت إن كان فيهم خمسون من المسلمين فقال جبريل‏:‏ إن كان فيهم خمسون لا نعذبهم فقال إبراهيم‏:‏ وأربعون قال‏:‏ وأربعون قال إبراهيم وثلاثون قال‏:‏ وثلاثون وكذلك حتى قال إبراهيم‏:‏ وعشرة فقال جبريل‏:‏ وعشرة فقال إبراهيم‏:‏ إن هناك لوطاً فقال جبريل والملائكة‏:‏ نحن أعلم بمن فيها‏.‏

فلما وصلت الملائكة إلى لوط هم قومه أن يلوطوا بهم فأعماهم جبريل بجناحه وقال الملائكة للوط‏:‏ ‏(‏إنا رسل ربك فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد‏)‏ ‏(‏هود 81 ‏)‏‏.‏

فلما خرج لوط بأهله قال للملائكة‏:‏ أهلكوهم الساعة فقالوا لم نؤمر إلا بالصبح أليس الصبح بقريب فلما كان الصبح قلبت الملائكة سدوم وقراها الخمس بمن فيها وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت‏:‏ واقوماه فأدركها حجر فقتلها أمطر الله الحجارة على من لم يكن بالقرى فأهلكهم‏.‏

  ذكر إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام

وولد إسماعيل لإبراهيم لما كان لإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة ولما صار لإسماعيل ثلاث عشر سنة تطهر هو وأبوه إبراهيم ولما صار لإبراهيم مائة سنة وولد له إسحاق أخرج إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة بسبب غيرة سارة منها وقولها‏:‏ أخرج إسماعيل وأمه إن ابن الأمة لا يرث مع ابني وسكن مكة مع إسماعيل من العرب قبائل جرهم وكانوا قبله بالقرب من مكة‏.‏

فلما سكنها إسماعيل اختلطوا به وتزوج إسماعيل امرأة من جرهم ورزق منها اثني عشر ولداً ولما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة وهي البيت الحرام سار من الشام وقدم على ابنه إسماعيل بمكة وقال‏:‏ يا إسماعيل إن الله تعالى أمرني أن ابني له بيتاً فقال إسماعيل‏:‏ أطع ربك فقال إبراهيم‏:‏ وقد أمرك أن تعينني عليه قال‏:‏ إذن أفعل‏.‏

فقام إسماعيل معه وجعل إبراهيم يبنيه وإسماعيل يناوله الحجارة وكانا كلما بنيا دعوا فقالا ‏(‏ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم‏)‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 127‏)‏ وكان وقوف إبراهيم على حجر وهو يبني وذلك الموضع هو مقام إبراهيم واستمر البيت على ما بناه إبراهيم إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنوه‏.‏

وكان بناء الكعبة بعد مضي مائة سنة ونحو ثلاث وتسعين سنة وأرسل الله إسماعيل إلى قبائل اليمن وإلى العماليق وزوج إسماعيل ابنته من ابن أخيه العيص بن إسحاق وعاش إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين سنة ومات بمكة ودفن عند قبر أمه هاجر بالحجر وكانت وفاة إسماعيل بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان وأربعين سنة‏.‏

  ذكر إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام

قد تقدم مولد إسحاق عند ذكر أبيه ثم إن إسحاق تزوج بنت عمه فولدت له العيص ويعقوب ويقال ليعقوب إسرائيل ونكح العيص بنت عمه إسماعيل ورزق منها جملة أولاد ونكح يعقوب ليا بنت لابان بن بتويل بن ناحور بن آزروالد إبراهيم الخليل فولدت لياروبيل وهو أكبر أولاد يعقوب ثم ولدت شمعون ولاوي ويهود ثم تزوج يعقوب عليها أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين وكذلك ولد ليعقوب من سريتين كانتا له ستة أولاد فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلاً هم آباء الأسباط وأقام إسحاق بالشام حتى توفي وعمره مائة وثمانون سنة ودفن عند أبيه إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما‏.‏

وأما أسماء آباء الأسباط الاثني عشر - أولاد يعقوب - فهم‏:‏ روبيل ثم شمعون ثم لاوي ثم يهوذا ثم يساخر ثم زبولون ثم يوسف ثم بنيامين ثم دان ثم نفتالي ثم كاذ ثم أشار‏.‏

  ذكر أيوب عليه السلام

وهو رجل عده المؤرخون من أمة الروم لأنه من ولد العيص وهو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل‏.‏

وكان لأيوب زوجة اسمها رحمة وكان صاحب أموال عظيمة وكان لأيوب البثنية جميعها من أعمال دمشق ملكاً فابتلاه الله تعالى بأن أذهب أمواله حتى صار فقيراً وهو مع ذلك على عبادته وشكره ثم ابتلاه الله تعالى في جسده حتى تجذم ودود وبقي مرمياً على مزبلة لا يطيق أحد أن يشم رائحته‏.‏

وكانت زوجته رحمة تخدمه وهي صابرة على حاله فتراءى لها إبليس وأراها ما ذهب لهم وقال لها‏:‏ اسجدي لي لأرد مالكم إليكم فاستأذنت أيوب فغضب وحلف ليضربنها مائة ضربة‏.‏

ثم إن الله تعالى عافى أيوب ورزقه ورد إلى امرأته شبابها وحسنها وولدت لأيوب ستة وعشرين ذكراً ولما عوفي أيوب أمره الله تعالى أن يأخذ عرجوناً من التخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ليبر في يمينه ففعل ذلك‏.‏

وكان أيوب نبياً في عهد يعقوب في قول بعضهم وذكر أن أيوب عاش ثلاثاً وتسعين سنة ومن ولد أيوب ابنه بشر وبعث الله تعالى بشراً بعد أيوب وسماه ذا الكفل وكان مقامه بالشام‏.‏

  ذكر يوسف

وولد يعقوب يوسف لما كان ليعقوب من العمر إحدى وتسعون سنة ولما صار ليوسف من العمر ثماني عشرة سنة كان فراقه ليعقوب وبقيا مفترقين إحدى وعشرين سنة ثم اجتمع يعقوب بيوسف في مصر وليعقوب من العمر مائة وثلاثون سنة وبقيا مجتمعين سبع عشرة سنة فكان عمر يوسف لما توفي يعقوب ستاً وخمسين سنة وعاش يوسف مائة وعشر سنين فيكون مولد يوسف لمضي مائتين وإحدى وخمسين سنة من مولد إبراهيم ويكون وفاته لمضي ثلاثمائة وإحدى وستين سنة من مولد إبراهيم ويكون وفاة يوسف قبل مولد موسى بأربع وستين سنة محققاً‏.‏

وأما قصة فراقه من أبيه فإنه لما كان يوسف من الحسن ومن حب أبيه على ما اشتهر حسدته أخوته وألقوه في الجب وكان في الجب ماء وبه صخرة فأوى إليها وأقام يوسف في الجب ثلاثة أيام ومرت به السيارة فأخرجته من الجب وأخذوه معهم وجاء يهوذا - أحد أخوته - إلى الجب بطعام ليوسف فلم يجده ورآه عند تلك السيارة وأخبر يهوذا أخوته بذلك فأتوا إلى السيارة وقالوا هذا عبدنا أبق منا‏.‏

وخافهم يوسف فلم يذكر حاله فاشتروه من أخوته بثمن بخس قيل عشرون درهماً وقيل أربعون وذهبوا به إلى مصر فباعه أستاذه فاشتراه الذي على خزائن مصر واسمه العزيز‏.‏

وكان فرعون مصر حينئذ الريان بن الوليد رجلاً من العماليق والعماليق من ولد عملاق بن سام بن نوح حسبما تقدم ذكره‏.‏

ولما اشترى العزيز يوسف هوته امرأته وكان اسمها راعيل وراودته عن نفسها فأبى وهرب منها ولحقته من خلفه وأمسكته بقميصه فانقد قميصه ووصل أمرهما إلى زوجها العزيز وابن عمها تبيان فظهر لهما براءة يوسف وأن راعيل هي التي راودته ثم بعد ذلك ما زالت تشكو إلى زوجها من يوسف وتقول‏:‏ إنه يقول للناس‏:‏ إنني راودته عن نفسه وقد فضحني بين الناس فحبسه زوجها ودام في السجن سبع سنين ثم أخرجه فرعون مصر بسبب تعبير الرؤيا التي أريها ثم لما مات العزيز الذي كان اشترى يوسف جعل فرعون يوسف موضعه على خزائنه كلها وجعل القضاء إليه وحكمه نافذاً ودعا يوسف الريان فرعون مصر المذكور إلى الإيمان فآمن به وبقي كذلك إلى أن مات الريان المذكور وملك بعده مصر قابوس بن مصعب من العمالقة أيضاً ولم يؤمن وتوفي يوسف عليه السلام في ملكه بعد أن وصل إليه أبوه يعقوب وأخوته جميعهم من أرض كنعان - وهي الشام - بسبب المحل وعاش معهم مجتمعين سبع عشرة سنة ومات يعقوب وأوصى إلى يوسف أن يدفنه مع أبيه إسحاق ففعل يوسف ذلك وسار به إلى الشام ودفنه عند أبيه ثم عاد إلى مصر وكان وفاة يوسف بمصر ودفن بها فلما سار موسى من مصر ببني إسرائيل إلى التيه نبش يوسف وحمله معه في التيه حتى مات موسى فلما قدم يوشع ببني إسرائيل إلى الشام دفنه بالقرب من نابلس وقيل عند الخليل عليه السلام‏.‏

  ذكر شعيب

ثم أرسل الله تعالى شعيباً - عليه السلام - إلى أصحاب الأيكة وأهل مدين وقد اختلف في نسب شعيب فقيل‏:‏ إنه من ولد إبراهيم الخليل وقيل‏:‏ من ولد بعض الذين آمنوا بإبراهيم وكانت الأيكة من شجر ملتف فلم يؤمنوا فأهلك الله أصحاب الأيكة بسحابة أمطر عليهم ناراً الظلة وأهلك الله أهل مدين بالزلزلة‏.‏

  ذكر موسى عليه السلام

أرسل الله تعالى موسى بن عمران بن قاهاث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - عليه السلام - نبياً بشريعة بني إسرائيل وكان من أمره أنه لما ولدته أمه كان قد أمر فرعون مصر - واسمه الوليد - بقتل الأطفال فخافت عليه أمه وألقى الله تعالى في قلبها أن تلقيه في النيل فجعلته في تابوت وألقته والتقطته آسية امرأة فرعون وربته وكبر فبينما هو يمشي في بعض الأيام إذ وجد إسرائيلياً وقبطياً يختصمان فوكز القبطي فقتله ثم اشتهر ذلك وخاف موسى من فرعون فهرب وقصد نحو مدين واتصل بشعيب وزوجه ابنته واسمها صفورة وأقام يرعى غنم شعيب عشر سنين‏.‏

ثم سار موسى بأهله في زمن الشتاء وأخطأ الطريق وكانت امرأته حاملاً فأخذها الطلق في ليلة شاتية فأخرج زنده ليقدح فلم يظهر له نار وأعيا مما يقدح فرفعت له نار فقال لأهله‏:‏ ‏(‏إني آنست ناراً سأتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون‏)‏ ‏(‏النمل‏:‏ 7‏)‏ فلما دنا منه رأى نوراً ممتداً من السماء إلى شجرة عظمية من العوسج وقيل من العناب فتحير وخاف ورجع فنودي منها‏.‏

ولما سمع الصوت استأنس وعاد فلما أتاها نودي من جانب الطور الأيمن من الشجرة‏:‏ أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين‏.‏

ولما رأى تلك الهيبة علم أنه ربه فخفق قلبه وكل لسانه وضعفت بنيته ثم شد الله تعالى قلبه ولما عاد عقله نودي أن اخلع نعليك إنك بالواد المقدس وجعل الله عصاه ويده آيتين‏.‏

ثم أقبل موسى إلى أهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها ليلاً واجتمع به هارون وسأله‏:‏ من أنت فقال أنا موسى فاعتنقا وتعارفا ثم قال موسى‏:‏ يا هارون إن الله أرسلنا إلى فرعون فانطلق معي إليه فقال هارون سمعاً وطاعة فانطلقا إليه وأره موسى عصاه ثعباناً فاغراً فاه حتى خاف منه فرعون فأحدث في ثيابه ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها وهي بيضاء لها نور تكل منه الأبصار فلم يستطع فرعون النظر إليها ثم ردها إلى جيبه وأخرجها فإذا هي على لونها الأول‏.‏

ثم أحضر لهما فرعون السحرة وعملوا الحيات وألقى موسى عصاه فتلقفت ذلك وآمن به السحرة فقتلهم فرعون عن آخرهم ثم أراهم الآيات من القمل والضفادع وصيرورة الماء دماً فلم يؤمن فرعون ولا أصحابه‏.‏

وآخر الحال أن فرعون أطلق لبني إسرائيل أن يسيروا مع موسى وسار موسى ببني إسرائيل ثم ندم فرعون وسار بعسكره حتى لحقهم عند بحر القلزم فضرب موسى بعصاه البحر فانشق ودخل فيه هو وبنو إسرائيل وتبعهم فرعون وجنوده فانطبق البحر على فرعون وجنوده وغرقوا عن آخرهم‏.‏

ومن جملة المعجزات التي أعطاها الله عز وجل موسى قضيته مع قارون - من الكامل - قال‏:‏ وكان قارون ابن عم موسى وكان الله تعالى قد رزق قارون المذكور مالاً عظيماً يضرب به المثل على طول الدهر قيل أن مفاتيح خزائنه كانت تحمل على أربعين بغلاً وبنى داراً عظيمة وصفحها بالذهب وجعل أبوابها ذهباً وقد قيل عن ماله شيء يخرج عن الحصر‏.‏

فتكبر هارون بسبب كثرة ماله على موسى واتفق مع بني إسرائيل على قذفه والخروج عن طاعته وأحضر امرأة بغياً وهي القحبة وجعل لها جعلاً وأمرها بقذف موسى بنفسها واتفق معها على ذلك‏.‏

ثم أتى موسى فقال‏:‏ أن قومك قد اجتمعوا فخرج إليهم موسى وقال‏:‏ من سرق قطعناه ومن افترى جلدناه ومن زنى رجمناه‏.‏

فقال له قارون‏:‏ وإن كنت أنت قال موسى‏:‏ نعم وإن كنت أنا‏.‏

قال‏:‏ فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة‏.‏

قال موسى‏:‏ فادعوها فإن قالت فهو كما قالت‏.‏

فلما جاءت قال لها موسى‏:‏ أقسمت عليك بالذي أنزل التوراة إلا صدقت أأنا فعلت بك ما يقول هؤلاء قالت‏:‏ لا كذبوا ولكن جعلوا لي جعلاً على أن أقذفك فأوحى الله تعالى إلى موسى مر الأرض بما شئت تطعك فقال‏:‏ يا أرض خذيهم فجعل قارون يقول‏:‏ يا موسى ارحمني وموسى يقول‏:‏ يا أرض خذيهم فابتلعتهم الأرض ثم خسف بهم وبدار قارون‏.‏

ولما أهلك الله تعالى فرعون وجنوده قصد موسى المسير ببني إسرائيل إلى مدينة الجبارين وهي أريحا فقالت بنو إسرائيل‏:‏ ‏(‏يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 22‏)‏ يا موسى ‏(‏اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 4‏2)‏ فغضب موسى ودعا عليهم فقال‏:‏ ‏(‏رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين‏:‏‏)‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 25‏)‏ فقال الله تعالى‏:‏ ‏(‏فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ‏)‏‏.‏

‏(‏المائدة‏:‏ 26‏)‏ فبقوا في التيه وأنزل الله عليهم المن والسلوى‏.‏

ثم أوحى الله تعالى إلى موسى أني متوف هارون فأت به إلى جبل كذا وكذا فانطلقا نحوه فإذا هما بسرير فناما عليه وأخذ هارون الموت ورفع إلى السماء ورجع موسى إلى بني إسرائيل فقالوا له‏:‏ أنت قتلت هارون لحبنا إياه‏.‏

قال موسى‏:‏ ويحكم أفتروني أقتل أخي‏.‏

فلما أكثروا عليه سأل الله فأنزل السرير وعليه هارون وقال لهم إني مت ولم يقتلني موسى‏.‏

ثم توفي موسى واختلف في صورة وفاته قيل‏:‏ كان هو ويوشع يتمشيان فظهرت غمامة سوداء فخافها يوشع واعتنق موسى فانسل موسى من قماشه وبقي يوشع معتنق الثياب وعدم موسى وأتى يوشع بالقماش إلى بني إسرائيل فقالوا أنت قتلت موسى‏.‏

ووكلوا به فسأل يوشع الله تعالى أن يبين براءته فرأى كل رجل كان موكلا عليه في منامه أن يوشع لم يقتل موسى فإنا رفعناه إلينا فتركوه وقيل‏:‏ بل تنبأ يوشع وأوحى الله تعالى إليه وبقي موسى يسأله فلم يخبره فعظم ذلك على موسى وسأل الله الموت فمات وقيل غير ذلك‏.‏

وكان وفاة موسى في التيه في سابع آذار لمضي ألف وستمائة وست وعشرين سنة من الطوفان في أيام منوجهر الملك وكان موت موسى بعد هارون أخيه بأحد عشر شهراً وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين‏.‏

وكان مولد موسى لمضي أربعمائة وخمس وعشرين سنة من مولد إبراهيم وكان بين وفاة إبراهيم ومولد موسى مائتان وخمسون سنة‏.‏

وولد موسى لمضي ألف وخمسمائة وست سنين من الطوفان وكان عمره لما خرج ببني إسرائيل من مصر ثمانين سنة وأقام في التيه أربعين سنة فيكون عمر موسى مائة وعشرين سنة وأما بنو إسرائيل وكانوا قبل أن يخرجهم موسى تحت حكم فراعنة مصر رعية لهم وكانوا على بقايا من دينهم الذي شرعه يعقوب ويوسف عيهما السلام وكان أول قدومهم إلى مصر لمضي تسع وثلاثين سنة من عمر يوسف فأقاموا في مصر بقية عمر يوسف وهو إحدى وسبعون سنة لأن عمر يوسف كان مائة وعشر سنين فإذا أنقصنا منها تسعاً وثلاثين سنة بقي إحدى وسبعون سنة وأقاموا أيضاً مدة ما كان بين وفاة يوسف ومولد موسى وهو أربع وستون سنة وأقاموا أيضاً ثمانين سنة من عمر موسى حتى خرج بهم فيكون جملة مقام بني إسرائيل بمصر حتى أخرجهم موسى مائتين وخمس عشرة سنة‏.‏

ذكر حكام بني إسرائيل ثم ملوكهم لما مات موسى عليه السلام لم يتول على بني إسرائيل ملك بل كان لهم حكام سدوا مسد الملوك ولم يزالوا على ذلك حتى قام فيهم طالوت فكان أول ملوكهم على ما ستقف عليه - إن شاء الله تعالى - وهذا الفصل أعني فصل حكام بني إسرائيل وملوكهم قد كثر الغلط فيه لبعد عهده ولكونه باللغة العبرانية فتعسر النطق بألفاظه على الصحة ولهم أجد في نسخ التواريخ التي وقعت لي في هذا الفن ما أعتمد على صحته لأن كل نسخة وقفت عليها في هذا الفن وجدتها تخالف الأخرى إما في أسماء الحكام وإما في عددهم وإما في مدد استيلائهم‏.‏

ولليهود الكتب الأربعة والعشرون وهي عندهم متواترة قديمة ولم تعرب إلى الآن بل هي باللغة العبرانية فأحضرت منها سفري قضاة بني إسرائيل وملوكها وأحضرت إنساناً عارفاً باللغة العبرانية والعربية وتركته يقرأها وأحضرت بها ثلاث نسخ وكتبت منها ما ظهر عندي صحته وضبطت الأسماء بالحروف والحركات حسب الطاقة والله الموفق للصواب‏.‏

ولما مات موسى عليه السلام قام بتدبير بني إسرائيل يوشع بن نون بن اليشاماع بن عميهوذ بن لعدان بن تاحن بن تالح بن راشف بن رافح بن بريعا بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب وأقام ببني إسرائيل في التيه ثلاثة أيام ثم ارتحل يوشع ببني إسرائيل وأتى بهم إلى الشريعة وهي النهر الذي بالغور واسمه الأردن في عاشر نيسان من السنة التي توفي فيها موسى فلم يجد للعبور سبيلا فأمر يوشع حاملي صندوق الشهادة الذي فيه الألواح بأن ينزلوا إلى حافة الشريعة فوقفت الشريعة حتى انكشف أرضها وعبر بنو إسرائيل ثم بعد ذلك عادت الشريعة إلى ما كانت عليه‏.‏

ونزل يوشع ببني إسرائيل على أريحا محاصراً لها وصار في كل يوم يدور حولها مرة واحدة وفي اليوم السابع أمر بني إسرائيل أن يطوفوا حول أريحا سبع مرات وأن يصوتوا بالقرون فعند ما فعلوا ذلك هبطت الأسوار ورسخت وتساوت الخنادق بها ودخل بنو إسرائيل أريحا بالسيف وقتلوا أهلها‏.‏

وبعد فراغه من أريحا سار إلى نابلس إلى المكان الذي بيع فيه يوسف فدفن عظام يوسف هناك وكان موسى قد استخرج يوسف من نيل مصر واستصحبه معه إلى التيه فبقي معهم أربعين سنة وتسلمه يوشع فلما فرغ من سار به ودفنه هناك‏.‏

وملك يوشع الشام وفرق عماله فيه واستمر يوشع يدبر بني إسرائيل نحو ثمان وعشرين سنة ثم توفي يوشع ودفن في كفر حارس وله من العمر مائة وعشر سنين‏.‏

ورأيت في تاريخ ابن سعيد المغربي أن يوشع مدفون في المعرة فلا أعلم هل نقل ذلك أم أثبته على ما هو مشهور الآن أقول‏:‏ فكانت وفاة يوشع سنة ثمان وعشرين لوفاة موسى وبعد وفاة يوشع قام بتدبيرهم فيخاس بن العزر بن هارون بن عمران وكالاب بن يوفنا وكان فيخاس هو الإمام وكان كالأب يحكم بينهم وكان أمرهما في بني إسرائيل ضعيفاً‏.‏

ودام بنو إسرائيل على ذلك سبع عشرة سنة ثم طغوا وعصوا الله فسلط الله عليهم كوشان ملك الجزيرة قيل إنها جزيرة قبرس وقيل بل كان كوشان المذكور ملك الأرمن وكان من ولد العيص بن إسحاق فاستولى على بني إسرائيل واستعبدهم ثماني سنين فاستغاثوا إلى الله تعالى‏.‏

وكان لكالاب أخ من أمه يقال له عثنيال بن قناز فأقام كالأب المذكور أخاه عثنيال على بني إسرائيل أقول فكان خلاص بني إسرائيل من كوشان المذكور في سنة اثنتين وخمسين لوفاة موسى عليه السلام لأن كوشان حكم عليهم ثماني سنين وفيخاس بفاء مشربة بتاء موحدة ثم ياء مثناه من تحتها ممالة ثم نون ساكنة ثم جاء مهملة ثم آلف ممالة وسين مهملة - ثم قام فيهم بعد استيلاء كوشان عثنيال بن قناز من سبط يهوذا وأزال ما كان على بني إسرائيل لصاحب الجزيرة من القطيعة وأصلح حال بني إسرائيل‏.‏

وكان عثنيال رجلا صالحاً واستمر يدبر أمر بني إسرائيل أربعين سنة وتوفي أقول‏:‏ فتكون وفاته في أواخر سنة اثنتين وتسعين لوفاة موسى - عثنيال بعين مهملة وثاء مثلثة ساكنة ونون مكسورة وياء مثناه من تحتها مهموزة وألف ولام - ثم من بعد وفاة عثنيال أكثر بنو إسرائيل المعاصي وعبدوا الأصنام فسلط الله عليهم عغلوان ملك موآب من ولد لوط واستعبد بني إسرائيل فاستغاثت بنو إسرائيل إلى الله أن ينقذهم من عغلون المذكور واستمر بنو إسرائيل تحت مضايقة عغلون ثماني عشرة سنة فيكون خلاصهم منه في أواخر سنة عشر ومائة لوفاة مرسى - عغلون‏.‏

بفتح العين المهملة وسكون الغين المعجمة وضم اللام وسكون الواو ثم نون

أهوذ ثم أقام الله لبني إسرائيل أهوذ من سبط بنيامين وكف أهوذ عنهم أذية عغلون ومضايقته وأقام أهوذ يدبرهم ثمانين سنة فيكون وفاة أهوذ في أواخر سنة تسعين ومائة لوفاة موسى - أهوذ بفتح الهمزة وضم الهاء وسكون الواو ثم ذال معجمة - ولما مات أهوذ قام بتدبيرهم بعده شمكار بن عنوث دون سنة أقول فتكون ولاية شمكار ووفاته في سنة إحدى وتسعين ومائة لوفاة موسى عليه السلام - شمكار بفتح الشين المثلثة وسكون الميم وكاف وألف وراء مهملة - ثم طغى بنو إسرائيل فأسلمهم الله تعالى في يد بعض ملوك الشام واسمه يابين فاستعبدهم عشرين سنة حتى خلصوا منه فيكون خلاصهم من يابين المذكور في أواخر سنة إحدى عشرة ومائتين لوفاة موسى‏.‏

باراق بن أبي نعيم ثم قام فيهم رجل من سبط نعتالي يقال له‏:‏ باراق بن أبي نعم وامرأة يقال لها دبورا فقهر يابين ودبرا أمور بني إسرائيل أربعين منه أقول فيكون انقضاء مدتهما في أواخر سنة إحدى وخمسين ومائتين لوفاة موسى عليه السلام - باراق‏:‏ بباء موحدة من تحتها وألف وراء مهملة وألف وقاف‏.‏

كذعون بن يواش ثم إن بني إسرائيل أخطأوا وارتكبوا المعاصي لغير مدبر لهم من بني إسرائيل مدة سبع سنين واستولى عليهم أعداؤهم من أهل مدين في تلك المدة أقول‏:‏ فيكون آخر مدة هذه الفترة في أواخر سنة ثمان وخمسين ومائتين من وفاة موسى عليه السلام فاستغاثوا إلى الله فأقام فيهم كذعون بن يواش فقتل أعداءهم وأقام منار دينهم واستمر فيهم كذلك أربعين سنة أقول فيكون وفاته في أواخر سنة ثمان وتسعين ومائتين لوفاة موسى - كذعون بفتح الكاف وسكون الذال المعجمة وضم العين المهملة وواو ونون - ثم قام فيهم بعد كذعون ابنه أبيمالخ ثلاث سنين فيكون وفاته في أواخر سنه إحدى وثلاثمائة لوفاة موسى عليه السلام - أبيمالخ بهمزة وباء موحدة من تحتها ثم ياء مثناه من تحتها وميم وألف ولام وخاء معجمة‏.‏

أبيمالخ ثم قام فيهم بعد أبيمالخ المذكور رجل من سبط يشسوخر يقال له يؤاإير الجرشي اثنتين وعشرين سنة فيكون وفاته لمضي ثلاثمائة وثلاث وعشرين سنة من وفاة موسى - يوءاإير‏:‏ بضم الياء المثناه من تحتها وهمزة مفتوحة ثم ألف ثم همزة مكسورة وياء مثناه من تحتها وراء مهملة - ثم إن بني إسرائيل أخطأوا وارتكبوا المعاصي فسلط الله تعالى عليهم بني عمون وهم من ولد لوط وكان ملك بني عمون إذ ذاك يقال له‏:‏ أمونيطو فاستولى على بني إسرائيل ثماني عشرة سنة حتى خلصوا منه فيكون انقضاء مدته في أواخر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة لوفاة يفتح الجرشي ثم استغاث بنو إسرائيل إلى الله تعالى فأقام فيهم رجلا اسمه يفتح الجرشي من سبط منشا فكفاهم شر بني عمون وقتل من بني عمون خلقاً كثيراً ودبرهم ست سنين فتكون وفاته في أواخر سنة ثلاثمائة سبع وأربعين - يفتح بضم الياء المثناة من تحتها وسكون الفاء وضم التاء المثناة من فوق وحاء مهملة‏.‏

أبصن ثم قام فيهم من بعد بفتح رجل من سبط يهوذا اسمه أبصن سبع سنين فتكون وفاته في أواخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة لوفاة موسى عليه السلام - أبصن‏:‏ بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة من تحتهما وضم الصاد المهملة ثم نون‏.‏

آلون ثم دبرهم بعد أبصن رجل اسمه آلون من سبط زبولون عشر سنين فيكون وفاته في سنة أربع وستين وثلاثمائة لوفاة موسى - آلون بهمزة ممدودة ممالة وضم اللام ثم واو ونون‏.‏

ثم دبرهم بعد آلون رجل اسمه عبدون بن هلال من سبط أفرايم بن يوسف ثماني سنين فيكون وفاته في أواخر سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة لوفاة موسى - عبدون بفتح العين المهملة‏.‏

وسكون الياء الموحدة وضم الدال المهملة ثم واو ونون‏.‏

شمشون بنمانوح ثم أخطأوا وعملوا بالمعاصي فسلط الله أهل فلسطين واستولوا عليهم أربعين سنة فيكون آخر استيلاء أهل فلسطين عليهم في أواخر سنة اثنتي عشرة وأربعمائة لوفاة موسى فاستغاثوا إلى الله عز وجل فأقام فيهم رجلا اسمه شمشون ابن مانوح من سبط دان‏.‏

وكان لشمشون المذكور قوة عظيمة ويعرف بشمشون الجبار فدافع أهل فلسطين ودبر بني إسرائيل عشرين سنة ثم غلبه أهل فلسطين وأسروه ودخل إلى كنيستهم وكانت مركبة على أعمدة فأمسك العواميد وحركها بقوة حتى وقعت الكنيسة فقتلته وقتلت من كان فيها من أهل فلسطين وكان منهم جماعة من كبارهم فيكون انقضاء مدة تدبير شمشون المذكور لهم في أواخر سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة لوفاة موسى - شمشون بفتح الشين المعجمة وسكون الميم شين معجمة مضمومة ثم واو ونون -‏.‏

إيثامور بن هارون ثم كانت فترة وصار بنو إسرائيل بغير مدبر منهم عشر سنين فيكون انقضاء مدة الفترة في أواخر سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة لوفاة موسى‏.‏

ثم قام فيهم رجل من ولد إيثامور بن هارون بن عمران اسمه عالي الكاهن وأصل الكاهن في لغتهم كوهن ومعناه الإمام وكان عابي المذكور رجلا صالحاً فدبر بني إسرائيل أربعين سنة وكان عمره لما ولي ثمانياً وخمسين سنة فيكون مدة عمره ثمانياً وتسعين سنة‏.‏

وفي أول سنة من ولايته ولد شمويل النبي بقرية النبي على باب القدس يقال لهما شيلو وفي السنة الثالثة والعشرين من ولاية عالي المذكور ولد داود النبي عليه السلام‏.‏

فيكون وفاة عالي المذكور في أواخر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة لوفاة موسى - عالي بعين مهملة على وزن فاعل -‏.‏